top of page

سيء الطالع

أحمد و قارئة الفنجان يجلسان متقابلين

أحمد: أيا قارئة الفنجان أخبريني، ماذا سيحدث لي غداً؟ قارئة الفنجان: انهي قهوتك اولاً حتى يتسنى لي أن أقرأ فنجانك أحمد: أنتي تقولين أنك تعرفين المستقبل، ألا يمكنك التنبؤ بشكل بقايا البن قبل أن انهي فنجاني؟ قارئة الفنجان: أنا لا أتنبؤ من فراغ، افسر الأحلام واقرأ الفناجين والكفوف. أحمد: إقرأي كفي إذاً (أحمد يد ذراعه نحوها) قارئة الفنجان: وكيف لي أن اقرأ كفاً بهذا الإتساخ؟ الا تغسل يديك ابداً؟ ماهذه الالوان والجروح؟ إين خطوط القدر التي ولدت بها؟ أحمد: ههه، كنت أعلم أنك ستقولين هذا بالضبط، أظن أنني افضل منك في قراءة الطالع. هذه بقايا حبر وجروح لم تلتأم بعد قارئة الفنجان: ماهي طبيعة عملك (تتفحص راحة يده)، أأنت كاتب؟ حداد؟ لماذا هناك جروح أحمد: أنا خطاط يا آنستي قارئة الفنجان: وما الذي يجرح كف خطاط؟ الاقلام لا يمكن أن تقطع هكذا! أحمد: أنا اصنع ادواتي بيدي .. اسن اقلامي بسكاكيني.. حبري ايضاً، أنا من يمزجه بالالوان والصمغ.. أفضل أن أخط لوّحي بلون بني أقرب للسواد حتى يتميز عملي عن أعمال الخطاطين الآخرين. إذا رأيتِ مخطوطات بهذا اللون الغريب، هكذا الذي على يدي، تأكدي أنني من رسمها.( ينظر في عينها) هدوء قارئة الفنجان: لما تنظر إلى عيني هكذا؟ هيا لما تحتسي القهوة ببطء أحمد: لون حبري من لون عينكِ، والقهوة ه مايبقيني لديكِ. قارئة الفنجان: وإلى متى ستظل ترتشف القهوة هنا؟ يلقي نظرة خلفها: — إلى أن يأتيك زبون غيري. قارئة الفنجان: هيهات، لن يأتي أحد، لا أحد يؤمن بقراءة الطالع هذه الأيام.. عمّر أو مات المؤمنون بحرفتي. أحمد: حسناً إذاً، لن أغادر وسأبقى برفقتكِ حتى لا تكوني وحيدة .. لما لا زلتي على حرفتكِ هذه؟ قارئة الفنجان: لأنني نشأتُ عليها. والدتي وجدتي وأم جدتي كلهن كانوا يقرأن الفنجان. أحمد: وهل تظنين حقاً أنكِ تستطيعين التنبأ بالمستقبل؟ قارئة الفنجان: نعم، قالت لي والدتي أن الإيمان يجعل من كل خيالٍ حقيقة. إن آمنتُ بأني رأيتُ مستقبلَ أحدهم، و آمن هذا الأحدهم بي.. سيحدث ما آمنا نحنُ الاثنين به أحمد: وإن لم يحدث؟ قارئة الفنجان: نلوم الإيمان.. أحمد: ماذا يعني ذلك؟ قارئة الفنجان: أن احدنا لم يؤمن كفاية بقرائتي. أحمد: وما يجعل قراءتك صحيحة يا آنستي؟ قارئة الفنجان: أنا اقرأ بالاسناد إلى كتب التنجيم أنظر إلى هذه المكتبة العظيمة خلفك؟ كلها كتب في علم التنجيم، أحمد: من أين أتيتم بهذه الكتب؟ قارئة الفنجان: نحن من ألفها، كل فرد في عائلتي قضا العمر كله في كتابتها وتعلمها وتدريسها. (تتجه نحو المكتبة وتلتقط كتاباً) هذا الكتاب، جدة جدتي كتبته به كل خبرات جدتي.. وهذا الكتاب والدي توفى وهو يكتبه ولم يكمله أحد، وهذا الكتاب أخت والدتي جمعت فيه كل قصص الأحلام، وأختها في كتاب آخر فسرتهم. أحمد: ألديك كتاب مفضل من هذه الكتب؟ قارئة الفنجان: ممم، كتاب تفسير ظهور الحيوانات في الأحلام .. (تلتقط الكتاب وتمشي نحو الطاولة وتضعه أمام أحمد)، انظر هنا، هل تريد كوباً أخر من القهوة؟ أحمد ينظر في عينيها ويبتسم: من فضلك. قارئة الفنجان تذهب لتأتي له بفنجان آخر. أحمد لوحده في الغرفة يذهب نحو المكتبة ويأخذ كتاباً يقلبه ويضعه في حقيبته. ثم يجلس في كرسيه قارئة الفنجان تأتي في يدها فنجانٌ آخر، تضعه على الطاولة بجانب الفنجان الأول. أحمد: شكراً قارئة الفنجان تقرب كرسيها منه، و تشير إلى الكتاب: هذا المخلوق اسمه الهوك أحمد: يبدو كعصفور عملاق بدين ولا أجنحة قارئة الفنجان: نعم نعم، رؤيته في الحلم معناها أن شخصاً سيفقد حريته -لأنه عصفور لا يطير- أو يموت أحمد: وما دخل الموت بفقدان الجناحات؟ قارئة الفنجان: لأن العصفور المعتاد على الطيران، ليجد قوته، أو ليهرب أو ليجد غيره من الطيور ، لا يتستطيع النجاة عيشاً في الأرض. يموت من الجوع أو الإفتراس أو الوحدة. وهذا ما يدل عليه ظهور طائر الهوك في الأحلام. فقدان الحرية، القتل، أو الموت جوعاً أو الجنون من الوحدة. أحمد: وهل سبق أن أتى أحدهم اليك قائلاً أنه حلم بهذا الكائن العجيب؟ قارئة الفنجان: نعم، كان هناك رجل، أتاني مرة قائلاً أنه حلم بطائر عجيب.. فأريته الصورة من هذا الكتاب وقال أنه كأنه الطائر الذي رأه في الحلم.. مع أنه لم يتذكر بالضبط الطائر الذي اتاه في المنان. ولكني بالرغم من ذلك أخبرته نبؤة الحلم، حتى يدفع لي.. لأني كنت بحاجةٍ إلى المال في تلك الفترة.. ولكنها كانت نبؤة صادقة! جنّ الرجل بعض بضعه أيام واصبح يطرد الناس و يعتزل في بيته.. وظل يفعل ذلك إلى أن مات وحيداً. أحمد: احقاً مات كذلك؟؟ قارئة الفنجان: نعم نعم، وهناك امرأة ايضاً.. زارها طائر الهوك في المنام. أتت لي ذات يوم قائلةً أنها رأت نفسها في المخاض، ولم يكن أحد معاها سوى عشيقها، الذي هرب حين بدأت الولادة. وبعد أن وضعت مافي بطنها أكتشفت لم هرب الشاب. أحمد: لم؟ قارئة الفنجان: قالت”ولدت شيئاً قبيحاً جداً.. حملته وكان ثقيلاً، وحين مسحت دماء المخاض عن وجهه رأيت انه طائر غريب قبييييح، من الخوف.. بدء في الزقزقة وجلست في مكاني منذهلة اسمعه إلى أن استيقظت“ أحمد: وما كان تفسيرك للحلم؟ قارئة الفنجان: لا أعلم أحمد: كيف لا تعلمين وأنتي تتذكرين ما سردته بهذه الدقة؟ فسريه مرة أخرى الآن قارئة الفنجان: لا استطيع أحمد: الا يمكنك الإستناد إلى أحد هذه الكتب الكثيرة؟ قارئة الفنجان: لا استطيع أحمد: لماذا لا تستطيعين تفسير الحلم مرة أخرى؟ قارئة الفنجان: لأن تفسير الحلم يوحى الينا به، الكتب ندرسها قبل أن نفسر الحلم، نحفظ مافيها من معلومات، ثم تأخذ فترة نقاهة لننسى ما قرأنا، وبعد ذلك نرجع للعمل ونفسر الأحلام. أحمد: وماذا حصل للمرأة بعد أن اخبرتيها بالتفسير الموحى إليك؟ قارئة الفنجان: كانت تتردد إلي كل يوم، لتسألني أن كان هناك ما يجعل النبؤة لا تحل، وكنت أقول لها أن ليس بوسعي عمل شيء، فأنا اقرأ الطالع فقط. سمعت بعد شهر أنها وجدت في ميتة في النهر. أحمد: ميتة !! أقتلها احدهم أم قتلت هي نفسها؟ قارئة الفنجان: لا أحد يعلم، ولكن النبؤة تحققت! هدوء قارئة الفنجان: أتريد المزيد من القهوة؟ أحمد: لا شكراً اكتفيت من القهوة لليوم. قارئة الفنجان: هل تريدني أن أقرأ لك فنجانك؟ أحمد: أخاف أن يكون طالعي سيئاً قارئة الفنجان: حسناً دعني اقرأه ولن أقول لك ما يخبئ لك القدر أحمد: لم تريدين قراءة طالعي؟ لن أدفع ثمن نبؤة لا اسمعها قارئة الفنجان: لا أريدك أن تدفع شيئاً، فقط سأقراه من باب الفضول أحمد: حسناً قارئة الفنجان تلتقط الفنجان الأول وتقرأة تبدو مندهشة وسعيدة، تبتسم ثم تضحك لأحمد أحمد: ماذا قرأتي؟ قارئة الفنجان: لن أخبرك (تضحك). تلتقط الفنجان الثاني و تقرأ مافيه، تشهق، تمؤ برأسها في حزن، تنظر إلى الفنجان في يدها. أحمد: ماذا قرأتي الآن؟ قارئة الفنجان: لن أخبرك (تنظر بعيداً) هدوء أحمد: ماذا.. ماذا قرأتي؟ أخبريني سأدفع لك قارئة الفنجان: ستدفع ثمن القرائتين؟ أحمد: نعم نعم نعم قارئة الفنجان: أدفع أولاً أحمد: كم ثمن القراءة؟ قارئة الفنجان: مئة وخمسين درهماً أحمد: ماذا!! لم تكن اسعارك باهظة هكذا .. مستحيل أن قراءة الفنجان بمئة وخمسون! قارئة الفنجان: الا تريد معرفة القراءة؟ أحمد: كنت أظن أن قراءة الفنجان بعشرة دراهم .. أظن أن هذا شيء يعرفه كل مرتادوك قارئة الفنجان: كانت القراءة بعشرة دراهم، وقد تغير سعرها أحمد: متى؟ قارئة الفنجان: اليوم (تنظر بعيداً) أحمد: ماذا !! هذا غش قارئة الفنجان: لن تعرف الطالع اذاً. استغادر الآن؟ أحمد: اتريديني أن أغادر؟ قارئة الفنجان: ممم، إبقى قليلاً، سأفسر لك حلماً بالمجان أحمد: لم لا تقرأين فنجاني بالمجان ايضاً؟ قارئة الفنجان: -صمت- هل تريد تفسيراً لحلم أم لا؟ أحمد: حسناً حسناً، سأخبرك عن حلمٍ قديم. فسريه وقولي بماذا يتنبأ. وسأقول لك أن حصل مافي النبؤة لي أم لا قارئة الفنجان: تريد أن تختبرني إذاً! أحمد: نعم قارئة الفنجان: حسناً ولكن إن كانت نبؤتي صحيحة، ستدفع لي ثمن التفسير أحمد: وبكم تفسير الاحلام لديك يا آنستي؟ قارئة الفنجان: اليوم، هو بمئة درهم أحمد: هذا هراء قارئة الفنجان: الا تريد أن تختبرني؟ أحمد: و إذا كان نبؤة التفسير خائطة؟ إن تبأتي أن يحصل شيء لم يحصل لي حتى الآن قارئة الفنجان: قد يحصل مستقبلاً أحمد: لالالا أريدك أن تعرفي شيء حصل لي، ومن خلال ذلك سأعرف أن كانت قراءاتك للطالع وتفسيرك للأحلام صحيحة قارئة الفنجان: أنا لا أقرأ الماضي، أخبرني .. لم أنت هنا؟ افهم من طريقة كلامك و نبرة صوتك أنك لا تصدق في قراءة الطالع أحمد: لا يعلم الغيب الا الله قارئة الفنجان: وما الذي أتى بك إلى هنا؟ أحمد: أخبرني أحد الأصدقاء، صديقي المقرب أمير، أن في هذه المنطقة عرافة جميلة تجلس وحيدة في محلها طيلة اليوم في انتطار الزبائن. فأتيت إلى هنا قبل بضعة أشهر حتى أرى إن كنت جميلة حقاً! وانبهرت يومها حين رأيتُ لون عينيك وأنت خارجة من المحل قبل حلول المساء. قارئة الفنجان: ثم؟ أحمد: ثم غبت اشهراً لإحاول نسيانكِ. فأنا لا أريد التعلق بعرافة، ولكني لم استطع أن أنسى لون عينيك. وصرت أفكر فيهما كلما تعاملت مع الألوان لأصنع حبري. حتى صنعت حبراً بهذه اللون (يرفع يده و يريها كفه). و بدأت استخدمه في كل مخطوطاتي، لاقى هذا الحبر على الثناء الكثير! فهو واضح غامق ولكنه في نفس الوقت ناعم ليس بقاس. قارئة الفنجان: احقاً لون حبرك من لون عيني؟ أحمد: وجئت اليوم استلهم اللوان أخرى منك قارئة الفنجان: وهل وجدت ماجئت تبحث عنه؟ أحمد: حمرة تورد شفتيك، وسواد شعرك.. للأسف لهم درجات عادية، كحبر السوق الأحمر الفاقع، والأسود المعتاد قارئة الفنجان: ولم لم تذهب حين لم تجد مبتغاك أحمد: لأن غرابة قصصك ممتعة، وجمالك ايضاً قارئة الفنجان تبتسم وتنظر إليه قارئة الفنجان: حسناً، سأجازي لطف كلامك بتفسير حلمٍ مجاناً .. وإن كان حلماً قديم.. لا شروط الآن أحمد: حقاً؟ ستدعيني أختبر صحة تنجيمك؟ قارئة الفنجان: نعم (تبتسم) أحمد: حسناً .. حلمت ذات ليلة أني في شيء كالتابوت، كنت اشعر به يضيق مع مرور الوقت حتى كدت اختنق مع انه كان لا يضيق حقاً …مجرد شعور، تعرفين كيف هي الاحلام.. و كان في التابوت فتحات صغيرة يدخل الهواء من خلالها و أري قليييلاً منها.. والعجيب ايضاً أنني كنت مستلقياً أغني، بالرغم من أني كنت أشعر بأن التابوت يتقلص،.. و الاغرب من ذلك أنني سمعت اصوات بشر من خارج التابوت.. فخفت ان يسمعوني اغني.. و توقفت عن الغناء.. و بقيت صامتاً في التابوت لا اعرف ماذا يجري و ماذا يقولون.. إلى أن رأيت من الفتحة الصغيرة بأن احدهم يضع شيئاً خفيفاً فوق اللحد..شيئاً كالمفرش الشفاف.. و بعدها سمعت أصوات الصحون وهي توضع التابوت.. واحداً تلو الاخر.. تشك تشككك تشك .. طبق طبقان.. اعد الصحون والاكواب من اصواتها و بذلك اعرف عدد من على الطاولة .. صحنان، كوبان اكواب.. ضحكتان مختلفتان.. و كلام مبهم. . سواد، هذا ما اراه، لون واحد.. والفتح الصغيرة عليها الفراش الشفاف فلا يظهر منها شي.. قارئة الفنجان: ثم ماذا حدث؟ أحمد: سمعت أحدهم يقول تفضلوا بالجلوس، ثم سمعت صرير سحب الكراسي على الارض .. اضن انهم جلسوا، اسمعهم… يضحكون ويقولون غير واضح ويصدرون جلبة بالاطباق وادوات الاكل.. قارئة الفنجان: اكلوا على التابوت؟ أحمد: حولوه إلى طاولة طعام قارئة الفنجان تنظر إليه بتركيز شديد أحمد: أهو حلمٌ غريب؟ قارئة الفنجان: نعم، ولكن له معنى واضح أحمد: حقاً؟ ماهو؟ قارئة الفنجان: اعطني لحظة للتفكير وترتيب الكلام صمت قارئة الفنجان: ألديك أخوان؟ أحمد: لا قارئة الفنجان: ألديك صديقين؟ أحمد: الاقرب إلي اثنان قارئة الفنجان: هل تثق فيهم؟ أحمد: كما أثق في نفسي قارئة الفنجان: أحدهم غني أحمد: واحد فقط، كيف عرفتي؟ قارئة الفنجان: متى حلمت بهذه الحلم؟ أحمد: قبل ثلاث أسابيع أو اربع.. قارئة الفنجان: مستحيل أحمد: ماهو مستحيل؟ قارئة الفنجان: أن تتذكر حلماً حلمت به قبل فترة تزيد عن الستة عشر يوماً أحمد: ولكني حلمت به قبل عدة اسابيع صمت قارئة الفنجان: ما الذي جعلك تتذكر هذا الحلم بالذات؟ و تقصه علي؟ من بين كل الاحلام التي حلمت بها أحمد: لا ادري، هذا الحلم الاول الذي خطر في بالي لحظة ما حاولت تذكر احلامي السابقة صمت أحمد: اه اه اه.. اظنني اعلم لماذا قارئة الفنجان: لماذا هذا الحلم أحمد: حلمت به مجدداً قبل عدة أيام.. يومان قارئة الفنجان: حقاً!! أحمد: نعم قارئة الفنجان: يا الهي إنك في مأزق كبير، لا عجب أن إحدى فناجينك تتنبأ بالشأم أحمد: مأزق؟ لما؟ ماهو تفسير الحلم أخبريني قارئة الفنجان: سأخبرك لكن أحمد: لكن ماذا؟ قلتي لي بأنك ستفسرينه لي بالمجان! قارئة الفنجان: تمهل لا تقاطع.. دعني أكمل كلامي.. نعم لن أخد منك ثمن تفسيره .. سأخبرك لكن -تسكت- أحمد: لكن؟ قارئة الفنجان: حين تزوزني غداً. المشهد الثاني: أحمد: أيا مفسرة الاحلام أخبريني، ماهو تفسير حلمي؟ قارئة الفنجان: انهي قهوتك اولاً. هل تريد بسكويتاً أو بعض المخبوزات؟ أحمد: أريد تفسيراً لحلمي. قارئة الفنجان: الا تريد أن تسأل عن حالي اولاً؟( تنظر إليه و تبتسم) أحمد: كيف حالك يا آنستي؟ قارئة الفنجان: بخير، كيف حالك أنت أحمد: الحمدلله صمت (يحدقان ببعضهما) أحمد: وتفسير حلمي هو؟ قارئة الفنجان: حسناً عدني أولاً أن لا تجزع. أحمد: أعدك قارئة الفنجان: الشخصان هما اثنان إخوانٌ لك أو صديقين مقربين، قلت لي البارحة أن ليس لديك أخوة. فهم حتماً أصدقاءك. أحمد: نعم لي صديقين مقربين. أمير وسالم قارئة الفنجان: لا تقاطعني أحمد: آسف نسيت أن ذلك يضايقك قارئة الفنجان: وأحدهم غني، أليس كذلك؟ أحمد: نعم، أمير ابن أسرة ثرية قارئة الفنجان: اعطني كفك أحمد يعطيها كفه، قارئة الفنجان تقرأ كفه .. تغمض عينيها لبعض الوقت ثم تفتحهما باندهاش.. قارئة الفنجان: اظن أنني استطيع رؤية صديقك الثري.. و صديقك الآخر، يتحدثان أحمد: ماذا يقولان؟ قارئة الفنجان: اصمت اصمت دعي احاول سماعهم أحمد صامت قارئة الفنجان: ارى احدهم بوضوح الآن، أنه طويل القامة، ضئيل البنية! له شعر مجعد.. و .. و شامة تحت عينه اليمنى قارئة الفنجان تحاول سماع شيء، عيناها مغمضتين — ثم تفتح عينيها قارئة الفنجان: هل هذا صحيح؟ أحمد: هذا صحيح إلى درجة مخيفة، وصفك دقيق جداً! كأنكِ رأيته! لكن الشامة تحت عينيه اليسرى، بالرغم من ذلك اصدقك! كيف لك أن تعرفي شكل صديقي بهذه الدقة؟ هذا مخيف حقاً!! أنت عرافة تستطيع حقاً رؤية الطالع قارئة الفنجان: اظن أني رأيتُ نبؤة أحمد: هي رأيت صديقي الآخر؟ قارئة الفنجان: لا، فقد كنت خلفه، لم اره ولكني سمعت ما يقول، سمعت ما كان يقوله لصديقك الثري أحمد: ماذا كانا يقولان؟ قارئة الفنجان: كانا .. يخططان .. ل .. لقتلك!! أحمد: ماذا؟ قتلي؟ أنا؟ لماذا؟ لم أضرهم قط وليس لي ما يطمعان به قارئة الفنجان: ثأرٌ ربما؟ أحمد: مستحيل؟ قارئة الفنجان: للأسف لا استطيع قراءة النوايا، لقدراتي حدود.. ولكن النبؤة التي قرأتها على كفك. تتوافق مع الحلم الذي قصصته علي.. ف رؤيتك لأحد يأكل عليك معناها أنه ينوي لك شراً، التابوت قد يرمز إلى الموت، هما ينويان لك الموت. غنائك في بداية الحلم يدل على غفلتك في بادئ الامر، وضحكهم معناه احتمال كبير ان مخططهم يسنجح أحمد: يستمكنان من قتلي؟! قارئة الفنجان: للأسف نعم أحمد: سأموت؟ على يد صديقي المقربين؟ قارئة الفنجان: نعم أحمد: هذا امر محتم؟ لا يمكن تغيره؟ ماذا لو ابتعد عنهما؟ ماذا لو سافرت ولم أعد؟ قارئة الفنجان: بعض النبوءات لا يمكن الهرب منها، هذه إحداها، ألم تقل بأنك كنت تشعر بأن التابوت يضيق ويضيق مع مرور الوقت في الحلم؟ أحمد: نعم!! قارئة الفنجان: نبؤة لا يمكن الهرب منها. (تربت على يده بحنان و تنظر إلى أحمد بحزن، تطيل النظر إليه بعينيها، أحمد يبدو خائفاً ومرتاعاً) .. ولا يمكنك اخبار احد بهذا الحلم ابداً ابداً، الا و ستكون في مأزق كبير، شيء اسوأ من الموت سيداهم حياتك الباقية أحمد: لا لا لا، سأهرب، سأذهب واستقر في مدينة أخرى قارئة الفنجان: سيلحقانك، أو سيجعلان أحداً آخر يقوم بقتلك، لا مفر من النبؤة أحمد: لمااذااا؟؟ قارئة الفنجان: هناك حل واحد، ولكنه حل مقيت أحمد: ماهو؟ أخبريني؟ أخبريني قارئة الفنجان: الآن تصدق فيما أقول؟ الا تريد اختباري مجدداً؟ أحمد: رأيت صديقي أمير كأنه كان هنا، هذا اكبر دليل أنك صادقة.. الان ما هو الحل المقيت قارئة الفنجان: لن أخبرك، لا استطيع لأني اعلم أن لن يتبعه شيء غير العواقب الوخيمة أحمد: سأدفع لك ما تريدين قارئة الفنجان: حقاً؟ إي مبلغ؟ أحمد: نعم قارئة الفنجان: مممم لا اظن اني أريد مالك، إيها الخطاط اظني بدأت استلطفك، وسأخبرك ماحل لأني اظن اني … اني اريد سلامتك أحمد: حقاً؟ قارئة الفنجان: رفقتك.. هنا.. في المحل، ممتعة .. هل تعلم كم كنت وحيدة قبل ما أن تأتي أن البارحة وتجلس تتحدث إلي اليوم كله؟ هل تعلم كم مرة نظرت في النافذة اليوم قبل أن تأتي و أنا اقول لنفسي حتماً حتماً لابد أن يأتي اليوم؟ خفت ان لا تأتي مجدداً. . لا اريد لأصدقائك أن .. أن يقتلوك يا أيها الخطاط أحمد: ناديني أحمد (ينظر في عينيها) قارئة الفنجان: حسناً (تنظر خجلاً إلى الاسفل، وتضحك خجلاً) أحمد: تبدين أجمل وأنتي تضحكين قارئة الفنجان تنظر إليه وتبتسم قارئة الفنجان: حسناً، الحل الوحيد هو .. هو، (تنظر إلى أحمد في حزن) .. هو أن تقتل اصدقاءك أحمد: مااذااا؟؟ قارئة الفنجان تهز رأسها أحمد: هذا مستحيل، مستحيل أن أقتل صديقي المقربين قارئة الفنجان: اذا كتب لك القدر أن تقتل، سأشتاق إلى صحبتك يا .. أحمد أحمد: هل ترين هذين اليدين؟ هل ترينها؟ لم استخدمهما قط في أذية أي أحد، هذين اليدان، تخطان الكلمات فقط، بالرغم من اتساخها، بالرغم من كثرة الجروح عليهما و بقايا الحبر التي قد لا تزول ابداً .. هذين اليدين فقط تصنعان الفن. . أنظري إلى أصابعي الطويلة، الملتوية من من من .. من عمر قضيته ملتفة علي أقلام و أعواد البامبو.. لا يمكنني قتل أحمد يا عرافة. (يضع يديه امامها) قارئة الفنجان: هلا وعدتني أحمد: بماذا قارئة الفنجان: أن تأتي لتصاحبني كل يوم، إلى .. إلى أن تقتل؟ لا أريد أن استوحش مجدداً (وهي تمسك بيده وتنظر إليها في حرص) أحمد: أ .. أعدك أيتها العرافة الجميلة صمت أحمد: لكن لدي الكثير من العمل لأنجزه.. مخطوطات .. أكملها لزبائني .. لا اظن أنني استطيع زيارتك كل يوم قارئة الفنجان: لكنك ستموت عما قريب، هل تريد حقاً أن تقضي ايامك الأخيرة تعمل؟ أحمد: نعم قارئة الفنجان: حقاً؟ ستقضي ايامك الأخيرة تعمل؟ يالك من شخص غريب أحمد: قد لا تستوعبين هذا.. لكن هناك شيء، يجبرني على العمل. حبي لزبائني، رؤيتي لنظرات اعجابهم حين يستلمون المخطوطة. الشعور الذي اشعر به حين امشي على شوارع مدينتي و ارى حبري وخطي على اللوافت العالية.. كلمات عظيمة، كبيرة كتبتها بخطي، لوحة أكبر مني و منك، في زاويتها توقيعي.. كل ما تنصب لوحة جديدة كتبتها، أذهب لأراها لأيام.. لا أعلم هل لأني اعتدت أن اراها في معملي لفترة طويلة و أنا اعمل عليها، لا يطاوعني قلبي أن تغادر هكذا دون أن ازورها لأطمئن عليها في مكانها الجديد.. أو لأني أحب رؤية الناس تتوقف وتقرأ اللوحة و تثني على خطي وتتحدث عن غرابة لون حبري.. لكني أفعل ذلك كل ما تنصب لوحة جديدة. قارئة الفنجان: لابد أنك تحب عملك جداً أحمد: سأتكب لوحاتي بدمي أن استطعت .. أني استمتع حقاً برسم المخطوطات .. كل حرف .. كل كلمة اقضي وقتاً ارسمها تأخدني إلى حالة أخرى من اليقظة.. حبر ينساب، مرة وراء الأخرى، على الكلمة ذاتها .. حتى تصبح واضحة عريضة.. لا تشبه كلمة الاخرى، في كل مرة أكتب حرفاً، انظر إليه بطريقة مختلفة.. كأنني أكتشف طرق رسم طريقة لذات الحرف كل ما رسمته بجانب حرف آخر.. صمت أحمد: ما رأيك أن تأتي غداً إلي معملي تقضين اليوم معي؟ بدلاً من أن نقضية هنا؟ لن يأتكِ الزبائن على كل حال. قارئة الفنجان: لا اعلم.. أحمد: الم تقولي أنك تحبين صحبتي؟ قارئة الفنجان: لكني .. لا اعرفك حقاً بعد أحمد: لا تثقين برجل ميت على كل حال؟ قارئة الفنجان: ليس لديك ما ستخسره أحمد: سأترك باب المعمل مفتوحاً .. معملي في مكان عام قارئة الفنجان: لا أعلم .. (تنظر خجلاً) أحمد: اعطيني يدك قارئة الفنجان: لماذا؟ أحمد اعطيني اياها قارئة الفنجان تمد يدها أحمد: (ينظر إلى كفها) أنا اقرأ هنا أنك ستكونين في أمان في معملي .. قارئة الفنجان تبتسم له و تضحك أحمد: الا تستطيع عرافة تحقيق أمنية رجل ميت؟ —— المشهد الثاني —— قارئة الفنجان في معمل أحمد. طاولة عليها في وسط المسرح عليها لوحةكبيرة مكتوب عليها مقصبــ… بخط كبير، اللوحة غير منتيهة. هناك افلام و اواني حبر، اضواء و لوح مقطعة و لوح معلقة بها عبارات و كلمات و قنينة كبيرة بها حبر بني، واخشاب بامبو مقطعة إلى قطع كبيرة بجانبها اعواد بامبو و سكاكين مختلفة الحجم و منشار. على الارض سجادة متسخة بالحبر. أحمد و قارئة الفنجان يدخلان.. أحمد يبقي الباب مفتوحاً .. قارئة الفنجان: رائحة المكان .. غريبة .. قوية .. حادة أحمد: ههههه هذه رائحة الحبر والطلاء.. اليست جميلة؟ قارئة الفنجان: تكاد تخنقني أحمد يشير إلى الاشياء في الغرفة أحمد: هذه طاولة عملي، هذه الاخشاب التي اصنع بها اقلامي.. وهذه القنينة محبرتي.. قارئة الفنجان: أنها.. أنها .. عملاقة! أحمد: نعم، فأنا ارسم على لوحات كبير قارئة الفنجان: ههههه يمكنك أن تغطي أحدهم بالحبر، بهذه الكمية الكبيرة.. أحمد يبتسم، و يأخذ يدها ويقودها إلى الطاولة التي تتوسط المعمل.. أحمد: هذه اللوحة اللتي اعمل عليها الآن قارئة الفنجان: مقصب؟ أحمد: مقصبة، لم اكملها بعد.. اليس غريباً أن يطلب الجزار مخطوطة جميلة؟ استغربت حين اتاني الاسبوع الماضي ليطلب لفاتة لمجزرتة قارئة الفنجان: اه لا تستغرب من شيء، قد يكون أكثرنا شراسة و وحشية أعطشنا للجمال..ويكون أجمل من عرفت الاكثر وحشية.. وصانع الجمال قد يكون هو وحشاً .. أحمد: اتقولين أن هناك علاقة بالجمال والعدوانية؟ قارئة الفنجان: لم لا؟ أحمد: لا تذكريني بالعدوانية، ذلك سيذكرني ب أصدقــ . . بأمير وسالم و مخططهم قارئة الفنجان: آسفة أحمد: انظري إلى سخرية القدر، أمير هو من دلي إليك، هو الصديق الذي قال لي هناك منجمة جميلة وحيدة قارئة الفنجان: أظن أن القدر ارادنا أن نلتقي (صمت) لما ياترى؟ أحمد: لربما حتى تحذريني؟ قارئة الفنجان: لكن لا مفر من النبوءة .. غير شيء واحد أحمد: عجباً عجباً قارئة الفنجان: ماذا؟ (تبدو مرتبكة) أحمد: لا طالما شعرت بأن أجلي سيحل مبكراً قارئة الفنجان: حقاً؟ أحمد: نعم صمت أحمد: نحن كالحروف، الإنسان يولد في شكل ”الواو" .. حين يُقَوِّمُ نفسه يظن أنه ألف .. ويعيش حياته متلقباً بين وضع و آخر .. فأمرأة تكون ح وتصبح ج ببطنها جنينها .. ثم يكبر الانسان فصبح منحنياً لبقية عمره ك دالٍ مقصوفة.. إلى أن يموت ويدفن تحت السطر. صمت قارئة الفنجان تنظر إليه بحزن أحمد: سأخبرك سراً قارئة الفنجان: ماذا؟ أحمد: هل تعرفين أن القصاب هو صديقي؟ قارئة الفنجان: كيف يعتبر هذا سراً، الا يعلم الجميع أنكم اصدقاء؟ أحمد: حسناً حسناً انه ليس سراً قارئة الفنجان: هل هو القصاب الذي طلب هذه اللوحة؟ (تنظر إلى اللوحة وتلمسها) أحمد: نعم، أنه سالم صديقي المقرب، أحد الاثنين اللذين يخططان لقتلي. آتاني الاسبوع الماضي ليطلب هذه اللوحة لمقصبتة، و اصررت أنه لا يدفع ثمنها و أن يأخذها هدية لصداقتنا.. ولذلك حاولت جاهداً أن يكون خطي فيها جميلاً .. انظري رسمت اشكالاً على الحروف. قارئة الفنجان: لابد أنه أراد أن يبقيك مشغولاً حتى لا تكتشف ما يخطط له أحمد: حسناً أن كانت هذه ستكون أن عمل لي. لأجعلها تحفتي الفنية. أريدها أن تعلق على مقصبتة و يراها الجميع و ينبهر بجاملها قارئة الفنجان: ولن يعرف أحد القصة التراجيدية وراءها.. لن يعلم أحد أن من سيستلم هذه التحفة سيكون قاتلك .. أحمد: وأقرب الناس إلي، عديني يا قارئة الفنجان أن تذهبي و تزورني تحفتي في بيتها الجديد، في المقصبة قارئة الفنجان لا ترد أحمد: و أن تسمعي عبارات الثناء بدلاً عني و أن تقرأي على روحي وتقولي لمعجبيها أن رسامها مات و أرادها أن تكون اخر ما يترك في الدنيا قارئة الفنجان: لماذا أنت متقبل لفكرة موتك هكذا؟ هناك حل أحمد: لأني لا أريد قتل أحد .. اتفضلين أن تقتلي أو أن تُقتلي؟ قارئة الفنجان لا ترد أحمد يجر كرسي لها أحمد: تفضلي بالجلوس.. سأكمل العمل في لوحتي، أن اردت التحدث عن شيء اخبريني قارئة الفنجان تسحب الكرسي و تقربه من الطاولة التي في المنتصف، اين يعمل أحمد

قارئة الفنجان: لم أر خطاطاً يعمل من قط أحمد: الخطاط كالمنجم، مهنتهما آيله للاندثار قارئة الفنجان: هل تكسب عيشاً من هذه الوظيفة؟ أحمد: ما يبقينى على قيد الحياة صمت، أحمد يكمل اللوحة قارئة الفنجان: لا تدعهم يقتلونك أحمد يقف العمل في اللوحة قارئة الفنجان: لا تدعهم يقتلون فنان مثلك .. العالم سيفتقدك.. كم خطاطاً ماهراً تجد في هذه الايام؟ أحمد: ربما حان وقت انقارضنا (احمد منشغل في اللوحة) قارئة الفنجان: حسناً، ربما حان الوقت لأغادر أحمد: ماذا؟ لقد أتيتي للتو قارئة الفنجان: لماذا أبقى هنا؟ و أقضي وقتي لأتقرب من شخص سيموت؟ أحمد: حتى لا تكوني وحيدة في محلك قارئة الفنجان: سأكون وحيدة بعد أن تقتل .. د .. دعني اذهب لازلت معتادة على وحدتي أحمد: لا لا أبقي.. قد أكون شخصاً ميتاً لا محالة، وجلوسك هنا قد لا يفيدك من شيء، لكن . . ربما لو جلستي سأكون لك ذكرى قارئة الفنجان: ولما سأريد تذكر شخص عرفته ليومين ثم مات؟ أحمد: سأقتل غداً قارئة الفنجان: لا اعلم، ولكن إن رحلت اليوم، لن اعود غداً ولن اريد مجالستك أحمد: اجلسي سأخبرك عن قصة هذه المخطوطة (أحمد يشير إلى مخطوطة على الجدار) قارئة الفنجان: حسناً. أحمد: هذه نسخة من أحدى المصاحف المنسوبة إلى عثمان رضي الله عنه ليلة مقتلة قارئة الفنجان: هذه صفحة من النسخة الاصلية؟ أحمد: لا، نسخة بخطي. كثير من المتاحف تعزم أن لديها مصحف عثمان رضي الله عنه الذي أصابه شيء من دم عثمان. أغلبها إن لم يكن كلها مكذوب على عثمان، بقرائن من شكل الخط المكتوب به المصحف. وجدت صورة لأحد النسخ التي في المتاحف التي تعزم أن لديها المصحف، وبدأت اقلده.. )يخرج صوره من أحد الادراج في الطاولة و يريها قارئة الفنجان .. قارئة الفنجان تبدأ المقارنة بين الصورة والمخطوطة المعلقة) قارئة الفنجان: يالدقة، كأني أرى الصورة مكبرة و معلقة هنا أحمد: نعم، فخور أنا بهذه العمل قارئة الفنجان: لكن ينقصه شيء واحد أحمد: ماذا قارئة الفنجان: نقاط الدم التي هنا (تشير على الصورة) أحمد: هذا دم كاذب وضع حتى يصدق الناس أن هذا الصفحة مأخوذه من مصحف عثمان ليلة قتله قارئة الفنجان: هذا الفرق الوحيد. صمت أحمد: امكثي هنا سأخبرك المزيد من القصص قارئة الفنجان: لا، قلت لك لا أريد أن اقضي وقتي مع شخص مؤقت سيغادر .. عما قريب أحمد: قلت لك سأكون لك ذكرى قارئة الفنجان: لدي ما يكفي من الذكريات الراحلين تطاردني. أحمد: لا تسعدك ذكراهم؟ قارئة الفنجان: تحزنني أحمد: لا تحبين الذكريات .. والماضي الجميل؟ قارئة الفنجان: أنا اقرأ المستقبل، و افضله أحمد: لا تشعرين بالحنين لشيء قديم ابداً؟ قارئة الفنجان: لا أعلم.. ليس لي ما احن إليه أحمد: أنت محظوظة حقاَ صمت أحمد: أهناك شيء تتطلعين له أن يحصل؟ قارئة الفنجان: العديد من الاشياء أحمد يكمل المخطوطة التي على الطاولة أحمد: ماهم أخبريني قارئة الفنجان تنظر إلى أحمد قارئة الفنجان: أريد أن أحب أحمد: لا تنظري إلي، أنا رجل ميت.. دعيني أخبرك عن الحنين وـــــ قارئة الفنجان: لالالا دعني أنا أخبرك عن ترقب المستقبل أحمد ينظر إليها: اتعلمين ما أحن إليه؟ قارئة الفنجان: لا، اخبرني لم تحن إليه. أحمد: لربما أحن إلى الماضي لأنني كنت مرتاحٌ فيه أكثر قارئة الفنجان: الست مرتاحاً الان؟ أحمد: لا أعلم، متى يكون الانسان مرتاحاً؟ فمنذ أن ينضج تأتيه المشاغل واحدة وراء الاخرى.. إلى أن يدفن قارئة الفنجان: وما الذي تحن إليه بالضبط أحمد: طفولتي، الوقت الذي لو احتج فيه أن افعل اي شي.. طفل يهتم به اهله قارئة الفنجان: الهذا لاتمانع الموت؟ الهذا لا مانع لديك أن تقتل؟ لكنك قلت انك تحب عملك أحمد: أحب فني قارئة الفنجان: ماذا عن المستقبل؟ الا تحن إلى مستقبلك؟ الا تهتم بكيف ستكون عليه حياتك لاحقاً أحمد: أنتي أخبرتني أنني سأموت عما قريب قارئة الفنجان: الن تهتم أن كنت ستعيش؟ أحمد: سأهتم، حقاً .. أريد أن اكون من اشهر الخطاطين، أريد أن تعرض اعمالي يوماً في المتاحف وصالات العرض و… قارئة الفنجان: تهتم بالمستقبل أنت اذا؟ أحمد: اليست هذا طبيعة النفس البشرية؟ أن تكون هذا .. متطلعة للمستقبل؟ قارئة الفنجان: من الفضول، الناس ينتظرون المستقبل لأنهم فضوليين قارئة الفنجان: لما ..تريد .. لا مانع لديك في ان تقتل؟ أحمد: حتى لا تتسخ يداي بدماء اصدقائي (يريها يده المتسخة بالحبر) قارئة الفنجان: هم ليسوا اصدقائك.. هم قتلة، لا تعلم لما يريدون قتلك، وإن كانوا سيقتلون أحداً بعدك، هم مجرمين.. اعطني كفك يا أحمد. (تسحب كفه) قارئة الفنجان تبتسم و تنظر إلى أحمد أحمد: ماذا؟ تغير طالعي؟ قارئة الفنجان: لا أحمد: لم تبتسمين اذاً؟ قارئة الفنجان: تقول كفك، أنك ستقتل أحدهم قريباً (تبتسم) أحمد: ماذا؟؟؟ مستحيل مستحيل قارئة الفنجان: هذا ما تقوله كفك اليسار.. أظن أنني اعلم ايضاً ايهم أحمد: لن اقتل احداً قارئة الفنجان: سالم .. قصير القامة ممتلئ قليلاً. يتلعثم بالكلام أحمد: هذا .. وصف حقيقي لسالم

قارئة الفنجان: ستقتله

أحمد: مستحيل

قارئة الفنجان: آراك تقتله قتلاً جميلاً .. رأيتك جالس على جثتة تكتب مخطوطة جميلة على جهبتة.. مخطوطة في غاية الجمال.. لا استطيع قراءة الحروف للأسف (مغمضة عينيها كأنها ترى المستقبل)..

أحمد: مستحيل. ما هذه النبوءة المروعة

قارئة الفنجان: هذا ما يقوله طالعك (تنظر في ساعتها) .. الساعة الحادية عشر صباحاً .. اتنبأ .. اشعر اشعر بأن سالم سأتي بعد قليل

أحمد: مستحيــ ..ل

صوت أحد يدق على الباب المفتوح. سالم يدخل ببطئ وبيده صندوق جميل

سالم: السلام عليكم .. احححم احم .. أحدٌ هنا؟ هل أنت هنا يا أحمد

أحمد: مستحيل .. مستحيل !!! (ينظر إلى قارئة الفنجان باستغراب)

قارئة الفنجان: ألم أقل لك؟

سالم يقترب منهم، و ينظر إليهم

قارئة الفنجان: اهلاً سالم

سالم: اهلاً؟ عذراً هل تعرفيني؟ (يبدو مرتبكاً)

قارئة الفنجان: نعم .. أنت من رأيت في طالع أحمد

أحمد: اهلاً سالم.. ماذا أتى بك في هذا الوقت

—— المشهد الثالث ——

أحمد: اهلاً سالم.. ماذا أتى بك في هذا الوقت

سالم: أنا و أمير اردنا زيارتك، لنهديك هدية، لكن أميراً، كالعادة، اعتذر في آخر لحظة

أحمد: هدية؟ لماذا؟ ما المناسبة؟

سالم: كانت فكرة أمير، اردنا أن نشكرك على حسن الصحبة.

أحمد: الان؟ لماذا؟

سالم: عجباً من أمرك، لما تبدو مستاء جداً من هدية؟

أحمد: لم .. اتوقع ذلك.. (ينظر إلى سالم و قارئة الفنجان).. هذه قارئة الفنجان على فكرة

سالم: قارئة الفنجان؟

أحمد: نعم.. أحمد هذه قارئة الفنجان، قارئة الفنجان هذا صديقي أحمد

قارئة الفنجان: أعلم ذلك

سالم يمد يده ليصافح قارئة الفنجان، قارئة الفنجان تصافحه ثم تستلم كفه لتقرأه، سالم يبدو مستغرباً.

قارئة الفنجان: يالهول (وهي تدقق في كف سالم)

سالم: ما الامر؟

قارئة الفنجان: طالعك لهذا اليوم سيء. سيء جداً

سالم: حقاً؟ من أنت و ماذا تفعلين هنا؟

قارئة الفنجان: أنا العرافة .. ماهذه الهدية تبدو (تسحب الصندوق من يد سالم) و تفتحه (تبدو منذهلة و تتجمد لولهة).

قارئة الفنجان تحدق فيما داخل الصندوق

صمت

قارئة الفنجان: سكين !! سكين جيب!! (تخرجه من الصندوق و ترفعه لتريه لأحمد، تنظر في عيني أحمد، أحمد يبدو خائفاً)

أحمد: سكين!!

سالم: نعم سكين جيب، من محل أحد أمهر الحدادين هنا.. أمير دفع ثمنه طبعاً، لا يمكن لشخص مثلي أن يشتري شيئاً ثميناً كهذا.. ذكرني أمير بأنك تحب صناعة ادواة الكتابة التي تستخدمها بنفسك، واتفقنا أن نشتري لك هذا السكين الحاد حتى تستخدمه لقطع البامبو. (بفخر، يبتسم)

أحمد: سكين؟

سالم: نعم، اليس جميلاً؟

قارئة الفنجان تمشي إلى طرف الغرفة و تأخذ أكبر مشرط و تقف أمام سالم و أحمد..

قارئة الفنجان: لكن أحمد لديه هذا .. اظن انه اعتاد استخدامه، اليس كذلك يا أحمد؟ (تسلمه لأحمد و هي تحدق إليه)

أحمد: نــــ .. ـــعـــ.م (يتسلم المنشار منها بتردد)

قارئة الفنجان تبتعد عنهما خطوة .. خطوة

سالم: هذا السكين أدق حدة، انظر إلى طول هذه الشفرة.. اظن انك ستتمكن من صناعة الاقلام الدقيقة بهذا السكين

قارئة الفنجان: المشرط .. المشرط (وهي تبتعد بالخطوات و تقترب من الباب المفتوح)

أحمد: شــ..ـكراً لك على الهدية، اشكر ..لي ..أميراً .. في في في حال.. لاحقاً

سالم: حسناً، لماذا أنت مرتبك هكذا (ينظر إليه و إلى قارئة الفنجان بشك، يحدق فيهما واحداً تلو الاخر)

قارئة الفنجان: أتييت بالهدية، هل ستغادر الان يا سالم؟

سالم: أغادر؟ لماذا؟ هل تريداني أن أغادر

قارئة الفنجان: نعم (بحدة)

أحمد: نعم

سالم: ماذا؟ لماذا؟ لن أغادر

أحمد: لكني طلبت منك المغادرة

سالم: لماذا؟ لم تطلب مني قط طلباً هكذا

قارئة الفنجان: نريد أن نكون لوحدنا لبعض الوقت

سالم: ماذا؟ لماذا؟ لماذا انت هنا اصلاً؟ ماذا اتا بك هنا

أحمد: لا تسأل اسألة لا دخل لك بها، هلا غادرت الان من فضلك

سالم: كيف تعرف العرافة يا أحمد؟ منذ متى تعرفان بعضكما؟ و كيف كيف (بعصبية) لماذا أنت هنا؟؟؟

قارئة الفنجان: أحمد صديقي، ومن أحب

أحمد: تحبين؟ تحبين ماذا أنا التقيت بك البارحة

قارئة الفنجان: لا تكذب يا أحمد

أحمد: أكذب؟ لما؟ أنا التقيت بك قبل يوم أو يومين

قارئة الفنجان: لا استطيع البقاء هنا. سأغادر .. وداعاً

سالم: لا ابقي هنا .. كيف ستغادرين هكذا؟ (يصرخ)

قارئة الفنجان: يال الهول ..طالع سئ سيئ جداً .. اراه الان.. لا اريد البقاء معكما.. (تهرب من الباب القريب منها)

سالم و أحمد واقفان. سالم غاضب أحمد محتار وخائف. سالم بيده السكين، أحمد بيده المنشار

سالم: كيف تعرف العرافة يا أحمد؟ لا تكذب

أحمد: لما سأكذب عليك؟ لما تهتم اساساً

سالم: منذ متى يا أحمددد؟

أحمد: لماذا أنت مستاء (يمشي للخلف)

سالم: أحمد لا تكذب، لماذا هي هنا؟ هل هي على علاقة معك؟

أحمد: ماذا تقول يا رجل؟

سالم: ااهااااا … لهذا كانت تبدو مؤخراً هائمة في الغرام و مشغولة البال ،، لهذا بدأت تتزين بصخب .. لهذا صارت هي تضحك كثيراً مؤخراً .. و تكون رائحتها كرائحة الرجال

أحمد: ماذا؟ ماذا؟ ماذا تقول؟ أنت تعرف قارئة الفنجان؟

سالم: أنا زوجها

أحمد: ماذا؟ زوجها؟ منذ متى أنت متزوج اصلاً … كنت احسبك عازباً مثلي أنا و امير

سالم: تزوجتها سراً .. لأن عائلتي لن رفضت أن تسمح لي أن اتزوج احد يمتهن التنجيم

أحمد: العرافة زوجتك؟

سالم: نعم .. ماذا كانت تفعل هنا؟ يقترب من أحمد و بيده السكين

أحمد يخاف ويرفع المنشار..

سالم: ماذا كانت تفعل زوجتي هنا؟

أحمد: لا تقترب مني اكثر. أحمد يدفع سالم و يطرحه ارضاً. و يهم بطعنة

الستارة تنزل. سالم يصرخ بألم

———————-

المكان يتغير. محل قارئة الفنجان. طاولة خشبية في المنتصف. قارئة الفنجان و رجل متقابلين

قارئة الفنجان: اتظن أن الخطة نجحت يا عزيزي أمير

أمير: نعم، اظن أن أحمد قتل زوجك سالم الان .. ( يمسك بيدها)

قارئة الفنجان: ربما قتل سالم أحمد.

أمير: لا اظن ذلك، سالم أن يفكر ابداً في قتل احمد .. اما احمد فقد هيئته لذلك و قد زرعتي الفكرة في رأسها.

قارئة الفنجان: الان زوجي قد مات ..الان يحلو لنا أن نتزوج

أمير: للنتظر حتى تجد الشرطة أحمد و تنهي القضية ويلبس بالجريمة .. حتى لا يشك بنا احد. لا استطيع ان اتزوجك و صديقي المقرب في المحاكم

قارئة الفنجان: لم اظن ان الخطة ستنفذ بهذه السهولة.

أمير: أنا مخطط جيد يا جميلتي.. و أنت كاذبة ماهرة

قارئة الفنجان: هذه مهنتي

أمير: دللت أحمد عليك، اشتريت السكين مع سالم وقلت لزوجك له أن يوصله لأحمد..

قارئة الفنجان: تغزلت بأحمد، جعلته يصدق بأنني اقرأ الطالع، و قلت له أن يأخدني إلى معمله

أمير: لا تنسي أنك جعلته يصدق أنه قادر على القتل

قارئة الفنجان: ونجحت الخطة

أمير يضحك: يالنا من اشخاص اذكاء

قارئة الفنجان تضحك و تخرج احمر شفاة وتضعه فوق ذلك الذي على شفاهها

قارئة الفنجان: أمير. . . أمير، هل تظن انه سيعدم

أمير: لا أعلم، ربما

قارئة الفنجان: اتصلت بالشرطة قبل قليل، وقلت لهم أني سمعت احداً يطلب النجدة في محل الخطاط واعطيتهم العنوان

أمير: جيد .. آمل أن لا تشك فيك الشرطة ابداً

قارئة الفنجان: الجميع يشك في ما تقول قارئة الفنجان، حتى اصبح الشك لا داعي له.

أمير: الان تحلين لي يا عزيزتي .. الان غادر سالم.. لا اسف على سالم، لكن أحمد كان شخصاً جيداً

قارئة الفنجان: نعم، ماذا نفعل، اخبرته بأن طالعه سيكون سيئاً.


تدوينات سابقة
bottom of page